أهمية لجان تقصى الحقائق البرلمانية والفرق بينهما وبين التحقيقات الاخري

نوع المستند : أبحاث أصلية

المؤلفون

1 باحث ماجستير بکلية الحقوق جامعة المنيا

2 استاذ القانون العام کلية الحقوق جامعة بني سويف

المستخلص

مقدمة
تعد الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية جوهر الرقابة السياسية في ظل نظام برلماني نيابي يقوم بمحاسبة الحکومة على أعمالها، وسوف نتناول هذه الدراسة إحدى وسائل الرقابة البرلمانية التي تتمثل في لجان التحقيق البرلماني، فالبرلمان مهمته التصويت على القوانين، ومنح الثقة وسحبها، ومراقبة الحکومة بکافة الوسائل الممکنة، وقد أخذ الدستور الکويتي بجوهر النظام البرلماني ولذلک نجده يقرر حق مجلس الأمة في الرقابة على أعمال الإدارة بشکل عام وعلى الحکومة بشکل خاص[1].
وقد أتاح الدستور الکويتي للمجلس الحق في إجراء التحقيق البرلماني لتمکينه من التوصل بنفسه إلى معرفة الحقائق التي تتعلق بقضية ما، فإما أن يقتنع المجلس بالبيانات التي تقدمها له الحکومة، وإما أن يحاول الوقوف على الحقيقة بنفسه، وقد يستهدف المجلس التحقق من فساد بعض الإدارات أو المؤسسات التي تتبع للقطاع العام[2].
ولأن التحقيق البرلماني إحدى وسائل الرقابة البرلمانية التي يمنحها الدستور للسلطة التشريعية في سبيل رقابتها على السلطة التنفيذية، وکي يتمکن البرلمان من القيام بمراقبة الحکومة ومساءلتها لابد له من نصوص دستورية تمنحه حرية القيام بأي تحقيق يراه مناسبا للوصول إلى النتائج المرجوة من وجوده، ويعرف " التحقيق البرلماني " على تقصي الحقائق من جانب السلطة التشريعية لأعمال الحکومة للکشف عن عدم التنفيذ السليم أو عن التنفيذ الخاطئ للقواعد العامة في الدولة وتحديد المسئول عن ذلک ومساءلته، کما يعرف على أنه: عملية من عمليات تقصي الحقائق عن وضع معين في أجهزة السلطة التنفيذية تمارسه الجنة مؤلفة من عدد معين من أعضاء المجلس لکشف المخالفات السياسية، ووضع اقتراحات مثل تحريک المسئولية السياسية أو عملية إصلاح معينة أو تعين الأخطاء التلاقيها، وتعرض هذه اللجان أعمالها على المجلس في صورة تقرير يحيله بتلک المخالفات، ويوقال شانتيو ان وسائل رقابة البرلمان على النشاط السياسي والإداري للحکومة متعددة، وتختلف من بلد إلى آخر، ويمکن حصرها في الأسئلة والاستجوابات ولجان التحقيق ولوائح الرقابة[3].
وعلى الرغم من أن التحقيق البرلماني قد يکون أکثر ارتباطا بالنظام البرلماني، إلا أن ذلک لا يعني أن النظام الرئاسي غير معني به، ومع أن الولايات المتحدة وفي من النظام الرئاسي، إلا أنها تتيح للکونغرس الأمريکي تشکيل لجان التحقيق البرلماني في سبيل مراقبة السلطة التنفيذية.
ويعد حق البرلمان في تشکيل لجان تقصي الحقائق البرلمانية هو نتيجة منطقية لحق البرلمان في إقرار القوانين وفي مراقبة الحکومة ومحاسبتها، وبالتالي فمن الطبيعي أن تمنح الدساتير للبرلمان هذا الحق الدستوري والمنطقي للرقابة على السلطة التنينية، إن تشکيل لجان التحقيق حق للسلطة التشريعية حتى وإن لم ينص عليه الدستور، وقيام البرلمان باک لي مغنيا عن قيام الحکومة بإجراء أنواع أخرى من التحقيقات التي تکون ضرورية لعمل السلطة التنفيذية، وبالتالي فإن للحکومة الحق في القيام بأي تحقيق تراه مناسبا.
وهناک ثلاثة أنواع من التحقيقات البرلمانية، فهناک التحتية التشريعي والتحقيق الانتخابي والتحقيق السياسي، فالتحقيق التشريعي يقصد به جميع التحقيقات والأعمال التحضيرية التي تسبق اقتراح القوانين وهو الوظيفة الأساسية للسلطة التشريعية انطلاقا من دورها التشريعي والرقابي، أما التحقيق الانتخابي ويقصد به التحقيق الذي تقوم به الجنة مکونة من أعضاء البرلمان للتحقق من صحة عيوب النواب المطعون فيها، أما التحقيق السياسي فهو الذي تقوم به لجنة تقصي الحقائق للکشف عن المخالفات السياسية داخل أجهزة السلطة التنفيذية.
وتعد المادة 11 من الدستور الکويتي هي الأساسي الدستوري الذي يستند إليه مجلس الأمة بحقه في تشکيل لجان التحقيق البرلمانية[4]، غير أن هناک بعض الحالات الخارجة عن نطاق سلطة لجان التحقيق کالأعمال المتعلقة بالشئون العسکرية والخارجية أو أجهزة المخابرات، نظرا لوجوب سريتها، فلا يمکن لعضو البرلمان أن يبحث في تلک الأمور لأنها تتعلق بأمن البلد واستقراره، وهذا الأمر منوط فقط بالجهات الأمنية، وفي حال رؤية الحکومة بأن القيام بهذا التحقيق يؤدي إلى تعريض مصالح الدولة للخطر أو إلى إفشاء أسرار الدولة، فلها حق التدخل في عمل لجان التحقيق البرلمانية وإيقافها، وسوف توضح الدراسة بعض إجراءات عمل لجان التحقيق في مجلس الأمن الکويتي في بعض القضايا المسموح التطرق لها، کالمشاريع التنموية أو بعض القضايا التي تتعلق بالأمن الداخلي أو الأمن الاجتماعي، وهناک لجان تحقيقات کثيرة على مدى مسيرة مجلس الأمة الکويتي تشکلت للتحقيق في المخالفات المنسوبة لبعض أجهزة الدولة.



[1] انظر : د/عادل الطبطبائي (۱۹۸۱) "الرقابة البرلمانية على أعمال الإدارة في الکويت، مجلة الحقوق والشريعة، ص ۱۱ - ۱۳.


[2] انظر: دا سليمان محمد الطماوي، السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفکر السياسي الإسلامي، ۱۹۸۹، الطبعة الخامسة، جامعة عين شمس، ص: 25.


[3] Chamtebout, Bernard: Droit constitutionnel et Science Politique, Paris: Armand Colined., 1995, p.248.


[4] مادة 114 من الدستور الکويتي (بحق لمجلس في کل وقت أن يؤلف لجان تحلق أو يندب عضوا أو أکثر من أعضائه التحقيق في أي أسر من الأمور الداخلة في اختصاص المجلس، ويجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية