الطبيعة القانونية للخبرة القضائية

نوع المستند : أبحاث أصلية

المؤلفون

1 باحث بکلية الحقوق جامعة المنيا

2 أستاذ القانون المدنى المتفرغ بکلية الحقوق – جامعة أسيوط

3 مدرس بقسم القانون المدنى بکلية الحقوق – جامعة المنيا

المستخلص

مقدمـــة
يصعب على أى شخص مهما زاد علمه وإتسعت مدارکه ، أن يکون ملماً بکافة العلوم والفنون ، ولکن هناک من هو عالم ومتخصص في علم معين من هذه العلوم والفنون ، فالقاضي يکمن علمه وثقافته في المسائل القانونية ، ومهمة القاضي هي تحقيق العدل ، ولا يجوز له الإمتناع عن الفصل في قضية معروضه عليه وإلا عد منکراً للعدالة([1]).
ولکن ماذا يفعل القاضي إذا کانت القضية المعروضة عليه ، يتوقف الفصل فيها على بعض المسائل الفنية أو العلمية ، التي تخرج عن نطاق علمه واختصاصه ؟
بداية نشير إلى أن القاضي لا يستطيع أن يفصل في مثل هذه المسائل ، إستناداً إلى معارفه الخاصة وإلا کان ذلک مبطلاً لحکمه ، لأنه من قبيل القضاء بعلمه الشخصي وهو ما لا يجوز حرصًا على حيدة القاضي واحترامًا لحقوق الدفاع([2]).
ولحل هذا المأزق أجازت التشريعات إستعانة القاضي بأهل المعرفة والخبرة أي بمن لديهم معرفة متخصصة بالمسائل العلمية والفنية لمعرفة رأيهم مما يساعده على الإدراک
والفهم الصحيح لوقائع المنازعة ومن ثم الفصل في القضية ويطلق على هؤلاء الأشخاص
إسم "الخبراء" وعلى ما يقومون به " بالخبرة "([3])، وحينئذ يصدق قوله الله تعالى]وَلَا يُنَبِّئُکَ مِثْلُ خَبِيرٍ (([4]).
لقد عرفت الخبرة قديمًا وتطور دورها مع تطور القانون الرومانى ، لمعاونة القاضي في المسائل الشائکة ، ثم تأثر به القانون الفرنسي ، فاعتمد الخبرة کإجراء من إجراءات الإثبات ، وکذلک أجاز الفقه الإسلامي منذ عصوره الأولى ، استعانة القاضي بالخبير ، کما في قوله تعالى :] فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (([5]).
وفي مصر اجتازت الخبرة مراحل مختلفة ، حيث بدأت ولم يکن لها قانون ينظمها، حتى صدر القانون رقم 1 لسنة 1909 ثم القانون رقم 75 لسنة 1933 ، وأخيرًا القانون رقم 96 لسنة 1952 المنظم للخبرة حتى الآن.



([1])أنظر : نص المادة 122 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 ( إذا امتنع أحد القضاه في غير الأحوال المذکورة عن الحکم يعاقب بالعزل وبغرامة لا تزيد عن مائتي جنيه) ، ويعد القاضى منکرًا للعدالة – بنص المادة 494/2 من قانون المرافعات – إذا امتنع عن الإجابة على عريضة قدمت له أو عن الفصل في قضية صالحة للحکم .


([2])أنظر : د / نبيل إسماعيل عمر ، امتناع القاضي عن القضاء بعلمه الشخصي في قانون المرافعات ، منشأة المعارف بالأسکندرية ، 1989 ، ص 64 وما بعدها .


([3])أنظر : د / علي الشحات الحديدي ، دور الخبير الفني في الخصومة ، دراسة مقارنة ، رسالة دکتوراة ، جامعة القاهرة ،عام 1989 ، ص 2 ، أنظر : د / عاصم عجيلة ، قانون الخبرة الکويتي في المازعات المدنية والتجارية ، الطبعة الأولى ، 2012 م ، منشأة المعارف بالإسکندرية ، ص 1 .


([4]) سورة فاطر ، الآية رقم 14.


([5]) سورة النحل ، الآية رقم 43.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية