موقف مجلس الدولة المصري من نظرية العلم اليقيني وشروط تطبيقها

نوع المستند : أبحاث أصلية

المؤلفون

1 باحث بکلية الحقوق جامعة الزقازيق

2 أستاذ القانون العام بکلية الحقوق – جامعة الزقازيق

المستخلص

مقدمــــــة
نص المشرع المصري على وسيلتين للعلم بالقرار الإداري فالقرار الإداري نافذ فور صدوره في مواجهة الإدارة التي اصدرته ولکن لا ينفذ في مواجهة الأفراد ولا يسري في مواجهتهم إلا من تاريخ علمهم بالقرار الإداري سواء عن طريق النشر أو عن طريق الإعلان .
وهاتين الوسيلتين تضمنتها نص المادة 24/أ من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والتي تنص على أنه ( ميعاد رفع الدعوى أمام المحکمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستين يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن . )
ويطلق على هاتين الوسيلتين القرينة القانونية ، فالقرينة دليل من أدلة الإثبات فهي استنباط الشارع أو القاضي لأمر مجهول من أمر معلوم وهذا الاستنباط إذا تم من قبل المشرع فالقرينة قانونية وإذا تم من قبل القاضي فالقرينة قضائية.
وطبقا لما استقر عليه القضاء الإداري والفقه [1] بأن النشر يرد على القرارات التنظيمية فالقرار التنظيمي أو اللائحي هو القرار الذي يتضمن قاعدة عامة مجردة فلا يتعلق بشخص أو شئ أو حالة على سبيل التعيين بالذات وإنما بمسائل متجددة تحدد بأوصافها وشروطها .
أما بالنسبة للإعلان فهو کوسيلة للعلم بالقرارات الإدارية الفردية والقرار الفردي هو القرار الذي يخص معينا بذاته ، سواء تعلق الأمر بشخص أو أشخاص بشئ أو أشياء بحالة أو حالات ولا يغير من حقيقة القرار الفردي أن يصدر في شکل تنظيمي مادام واقع الأمر يتعلق بمعين بالذات ، فالعبرة في تمييز القرار الفردي ليست في قلة أو کثرة عدد الأفراد الذين ينطبق عليهم القرار وإنما في تحديد هؤلاء الأفراد بذواتهم .
ولما کان الأصل أن العلم بالقرارات التنظيمية العامة يجري الميعاد فيها من تاريخ نشرها أما القرارات الفردية فيجري الميعاد فيها بتبليغها حتى ولو کانت مما يجب نشرها حتى تنفذ قانونا فالنشر هو الاستثناء والإعلان هو الأصل بالنسبة للقرارات الفردية فإن نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية لا يغني عن إعلانه.
فالعلم بالقرار الإداري الفردي عن طريق الإعلان  لا يحتاج من صاحب الشأن إلى السعي للعلم کما هو في النشر إذ أن الإدارة هي الملتزمة بنقل العلم إلي صاحب الشأن لذلک يطلق على هذه الوسيلة العلم الحقيقي بالقرار أما النشر فالعلم افتراضي حيث يحتاج صاحب الشأن إلى ضرورة الاطلاع والمتابعة للجريدة الرسمية وملحقها الوقائع المصرية وکذلک النشرات المصلحية وبالتالي فإن العلم المتحصل عن طريق النشر يکون افتراضي أما بالنسبة للعلم المتحصل عن طريق الإعلان علم حقيقي.
والحکمة من نص المشرع المصري على هاتين الوسيلتين هو أن من تاريخ هذا العلم الناتج من النشر أو الإعلان يبدأ سريان ميعاد دعوى الإلغاء إذا لکي يبدأ ميعاد دعوى الإلغاء لابد من العلم بالقرار الصادر في مواجهة صاحب الشأن عن طريق النشر أو الإعلان .
فقد يصدر القرار الإداري من جهة الإدارة ولا يتم نشره أو إعلانه فهل سيظل باب الطعن مفتوحا على القرار الإداري إلى ما لا نهاية وخصوصا في حالة علم الفرد بالقرار علما يقينياً  أم أنه في حالة علمه بالقرار علما حقيقياً دون نشره أو إعلانه يسري ميعاد الطعن بالإلغاء من تاريخ هذا العلم ، وبالتالي لابد من التظلم على القرار أو الطعن عليه في حالة العلم وإلا سوف يکون الطعن غير مقبول بمرور ستين يوما طبقا لقانون مجلس الدولة المصري ، ولما کانت هذه الوسيلة الثالثة العلم اليقيني بالقرار الإداري في حالة عدم إعلانه أو نشره قرينة قضائية من استنباط القضاء الإداري وهي من ابتداع القضاء الإداري الفرنسي في بداية القرن التاسع عشر وقد تعرض القضاء الاداري الفرنسي للعديد من الإنتقادات الأمر الذي أدى إلى حصر تطبيقها في حدود ضيقة للغاية وعلى الرغم من عدم استقرار القضاء الإداري الفرنسي حول هذه النظرية ووجود انقسام في الفقه الفرنسي ومعارضة العديد من الفقه المصري لها [2]
إلا أن هذه النظرية موجودة في أحکام القضاء الإداري الفرنسي وعلى الرغم من أهمية هذه الوسيلة الثالثة کوسيلة للعلم بالقرار الإداري فکان لابد أن نفرد هذا البحث لبيان موقف مجلس الدولة المصري من هذه النظرية وشروط تطبيقها وذلک على النحو التالي .
الفصل الأول : موقف مجلس الدولة المصري من نظرية العلم اليقيني وتم تقسيمه إلى عدد 2 مبحث تم تخصيص المبحث الأول لبيان موقف محکمة القضاء الإداري من نظرية العلم اليقيني والمبحث الثاني موقف المحکمة الإدارية العليا من نظرية العلم اليقيني 
والفصل الثاني : تم تخصيصه لشروط نظرية العلم اليقيني وتم تقسيم عدد 3 مباحث  ، المبحث الأول : شمول العلم لجميع عناصر القرار ، المبحث الثاني : أن يکون علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا ، المبحث الثالث : ثبوت العلم اليقيني في تاريخ معلوم. 



[1] د. ماجد راغب الحلو ، القانون الإداري ، دار الجامعة الجديدة ،طبعة 2008 ص 441


[2] د. سليمان الطماوي ، القضاء الإداري ، الکتاب الأول ، قضاء الإلغاء 1986 ص 604 ، 605
د. محمد عبد العال السناري ، نفاذ القرارات الإدارية ، رسالة دکتوراه ، جامعة عين شمس ، 1981 ص 124 ، 125
د. عبد العزيز الجوهري ، مقالة بعنوان هل تختص نظرية العلم اليقيني من أفق القانون الاداري في مجلة المحاماة العددين الثالث والرابع  ـ، مارس وابريل للسنة الثامنة والستنون ص 63

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية