الحق في الخصوصية واعتبارات الأمن القومي" رؤية تطبيقية لإدماج أحکام التعويض الجزائي في النظام القانوني المصري "

نوع المستند : أبحاث أصلية

المؤلف

عضو هيئة تدريس - اکاديمة الشرطة المصرية - کلية الشرطة - جمهورية مصر العربية

المستخلص

مقدمة :
      تلجأ الدول في سبيل تحقيق أمنها الداخلي إلى استخدام القوة المشروعة؛ وهکذا الحال فيما يتعلق بأمنها الإقليمي والدولي[1]، إلا أنه بات من المسلمات أن تحقق هذه الغاية لا يمکن إدراکه بقوة الأجهزة العسکرية والأمنية فقط.. کما أن تحقيقه يعد أحياناً أمراً معقداً يُلقي على عاتق الدولة أعباء ثقالاً نتيجة تنوع وتعدد مصادر الخطر، لذا أضحى التعاون الدولي ملاذاً ضرورياً لتوفير مناخ آمن على المستويين الداخلي والخارجي، تستطيع من خلاله  الدولة استغلال طاقاتها وإمکاناتها من أجل النهوض والازدهار، وهو ما يرتبط بالأمن القومي للدولة[2]، وربط جانب من الفقه بين الأمن القومي والعنف، مشيراً إلى أن الأمن القومي يعني " قدرة المجتمع على مواجهة ليس فقط الأحداث أو الوقائع الفردية للعنف، وإنما کافة المظاهر المتعلقة بالطبيعة المرکبة والحادة للعنف "[3].         
     وإذا کان الإرهاب قد ازدادت جرائمه واستفحلت آثاره بمختلف أرجاء المعمورة  خاصة مع تنامي الصراعات العالمية سواء بين الدول بعضها البعض أم بين الدول وتنظيمات إرهابية، فقد أضحى الإرهاب يمثل تهديداً للأمن القومي للدول، ليس هذا وحسب، بل تطور دوره وأصبح أداةً وآلية للصراع السياسي على المستويين الداخلي والدولي.. ويواجه المجتمع الدولي تلک الظاهرة باهتمام بالغ، فمکافحة الإرهاب تواجه تحديات عديدة، في صدارتها ما يتعلق بالجانبين الأمني والقانوني، ويحتاج المشرع في هذا الصدد إلى تحقيق التوازن بين ضرورات مواجهة الإرهاب من ناحية، ومراعاة عدم الجور على حـقوق الإنسان من ناحية أخرى، حيث لا يجوز المساس بهذه الحقوق بغير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية أولى بالرعاية.
      وحيث نَشر جانب من الإعلام المصري ـــ لا سيما خلال العامين المنصرمين ـــ العديد من التسريبات لأحاديث تليفونية خاصة، يؤکد بعضها تورط أشخاص في ارتکاب جرائم إرهابية على الأراضي المصرية، وتشير تسريبات أخرى إلى مکالمات تمت بين قيادات مصرية وأخرى لتنظيمات إرهابية دولية[4]، فهل سنعتمد هذا النهج الإعلامي ونقر بمشروعيته في مجتمعنا[5] ؟        لقد أضحى تحقيق التوازن بين صالح الوطن وحرمة الحياة الخاصة هدفاً يجب السعي لإدراکه.



[1]  HANSS KELSEN, Collective Security Under International Law, The Lawbook Exchange, Ltd. ISBN. New port, Rhode Island, 2011, P. 4 .


[2] راجع : عبد الکريم نافع، الأمن القومي، مطبوعات دار الشعب، القاهرة، 1975، ص 15 وما بعدها؛ عدلي حسين، الأمن القومي واستراتيجية تحقيقه، کتاب الساعة، القاهرة، 1977، ص 10 وما بعدها؛ ممدوح شوقي مصطفى کامل، الأمن القومي والأمن الجماعي الدولي، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 1985، ص 53 وما بعدها.


[3] راجع : عبد المنعم المشاط، الأمن القومي العربي والشرعية السياسية، مقال للکاتب بجريدة الأهرام بعددها الصادر في 9 يونيو 1983، وللمزيد من مقالات الکاتب في هذا السياق، والمنشورة بالأهرام، راجع على الإنترنت : 
http://www.ahram.org.eg/WriterArticles/226/2017/0.aspx


[4] لعل أهمها ما نشرته بعض الجرائد المصرية من تفريغ لحوارات هاتفية زعم أنها لرئيس جمهورية مصر الأسبق وزعيم تنظيم القاعدة، وتلى هذا تسريبات أخرى تتعلق أيضاً بالرئيس الأسبق لمحادثة سجلت له في محبسه..؛ وتسجيلات تليفونية أخرى زعم أنها لعناصر من حرکة 6 أبريل وتشير إلى صلات وثيقة بين بعض شباب هذه الحرکة وأجهزة مخابرات خارجية وأذيعت ببرنامج تليفزيوني على إحدى الفضائيات المصرية، کما اذيعت تسجيلات تمت بين عادل حبارة ـــ عنصر من تنظيم خلية المجاهدين والأنصار، وهو متهم بقتل خمسة وعشرين جندياً من الأمن المرکزي على طريق رفح العريش في 19/8/2013، وصدر عليه حکم بالإعدام ونفذ بالفعل ـــ  وعنصر من تنظيم داعش الإرهابي يفيد : الاتفاق على ارتکاب جرائم إرهابية، وتقديم التنظيم لدعم مالي له مقابل القيام بجرائم إرهابية باسمه.


[5] إذا کان کتمان السر يعد من أبرز الآداب الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها المسلم، لما فيه من مراعاة لخصوصية الإنسان، إلا أن إفشاء السر يکون واجباً أحياناً، خاصة إذا کان کتمانه يتعارض مع مصلحة أکبر، ويؤکد هذا حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه " المجالس بالأمانة إلا ثلاثة : مجلس فيه سفک دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطع فيه مال بغير وجه حق ". راجع سنن أبي داوود، المکتبة السلفية بالمدينة المنورة، الطبعة الثانية، 1388، ص 217.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية